الخميس، 23 أبريل 2009

عبد الرحمن بن مروان ، مؤسس مدينة (بطليوس ) بداخوث

الصورة : تمثال عبد الرحمن بن مروان بجوار أسوار قصبة بطليوس

ولد عبد الرحمن بن مروان في ماردة (ميريدا) أوائل القرن التاسع الميلادي من أسرة إسبانية اعتنقت الاسلام. كان يسمى بالجليقيEl Gallego ، اسم يطلق على المسيحيين الاسبان القاطنين في المناطق الشمالية التي لم يهيمن عليها المسلمون. كان جده والي مدينة ماردة Mérida من قبل الأمويين حكام قرطبة حيث عاصمة الخلافة في الأندلس ،والذي توفي في العام 827 نتيجة إحدى الثورات التي قامت ضد خليفة قرطبة . غلبت على إبن مروان صفة التمرد منذ أن كان صغيرا ، وشارك في الثورات المتتابعة في ماردة مما تسبب في أسره بعد تمرد 835 ، و سيق الى قرطبة ، حيث اشتهر بالذكاء و الشجاعة وحصل على إعجاب وثقة الخليفة الذي عينه رئيسا للحرس الملكي. ، ولكن هذه المنزلة الرفيعة أكسبته عداوة بعض الوزراء المقربين للخليفة ، و خاصة الوزير الأول حسين الذي أهانه يوما أمام الملأ مما جعل عبدالرحمن بن مروان يفر من قرطبة متحصنا بقلعة ألانخي Alange حيث واجه لعدة سنوات حكام قرطبة و ألحق بهم عدة هزائم .وكشرط لإنهاء الحرب ، طلب ابن مروان من الخليفة السماح له التمركز على على شطر نهر وادي آنا Río Guadiana في سان كريستوبال .ولكن سمح له فقط التمركز في ثيرو دي مويلا Cerro de Muela ، الواقعة على الضفة اليسرى من النهر ، حيث أسس مدينة بطليوس عام 875 و التي تسمى اليوم " بداخوث ".
بنى عبد الرحمن بن مروان المساجد و المرافق في بطليوس و جعل منها مدينة مزدهرة لتكون واحدة من أقوى الممالك في الأندلس .توفي ابن مروان عام 912 و خلفه ابنه زيد ثم حفيده عبد الله بن محمد وأخيرا محمد عبد الرحمن الذي انتزعت منه السلطة في نهاية المطاف عام 930 لتكون تحت سيطرة الخليفة عبد الرحمن الثالث.

ابن السيد البطليوسي

( 444– 521 هجري / 1052 – 1127 ميلادي )



هو عبدالله بن محمد بن السيد البطليوسي نسبة الى مدينة بطليوس ( بداخوث ) و كنيته أبو محمد ولد في بطليوس عام 444 هجري و هي مدينة كبيرة من أهم حواضر الأندلس حينذاك ، تخرج فيها كثير من العلماء و الادباء ، و كان ابن السيد أشهرهم و فيها تلقى علومه و ثقافته ، و بقي فيها الى ان نبغ و ظهر ( لا يمكن تعيين المدة و تحديدها بالضبط لأن مصادر ترجمته لم تسعف بمعلومات و أخبار حول نشأته ) .


عاش ابن السيد البطليوسي في عصر الطوائف ، و كان بنو الأفطس يحكمون بطليوس ( وكانت مملكتهم واسعة ، اشتبك صاحبها من جهة مع بني عباد في معارك متعددة ، ومع بني ذي النون من جهة أخرى ، ومن أشهر رجالها محمد بن الأفطس الملقب لامظفر " 461 هجري " و عمر المتوكل الذي شهدت المملكة في عهده شيئا من الإستقرار إلى ان ازال المرابطون دولته .


خدم ابن السيد في دولة عبد الملك ابن رزين ، صاحب السهلة الذي امتد حكمه ما بين عامي 436 – 496 هجري ( وكان عند وصوله الى ابن رزين قد رفعه أرفع و أنزله اهل العقد و الحل ، و أطلعه في سمائه و أقطعه ما شاء الله من نعمائه ، واورده أصفى مناهل مائه ، و أحضره مع خواص ندمائه ، و لكن ابن السيد فرّ من ابن رزين ولعل السبب في ذلك ان ابن رزين كان مع شرفه و أدبه متعسفا على الشعراء ومتعسرا بمطلوبهم من ميسور العطاء .


وقال ابن خاقان : إنه نال عند ابن رزين الخطوة و الجاه و ها هو ذا ابن السيد يخونه ظنه و يعرض انه غادر ابن رزين لانه لم يلق ما أمّل : رحلنا سوام الحمد عنها لغيرها
فلا ماؤها صدا ولا النبت سعدانوتوجه ابن السيد الى المستعين احمد بن هود صاحب سرقسطة Zaragoza ومدحه فقال :
فسرنا وما نُلوي على متعذر
إذا وطن أقصاك آوتك أوطان
إلى مستعين بالله مؤيد
له النصر حزبٌ و المقادير اعوان

ثم وفد على بني ذي النون امراء طليطلة Toledo ، فاتصل بالمامون ابن ذي النون ، ثم بابنه القادر بالله ، كما مدح الظافر عبد الرحمن بن عبيد الله ابن ذي النون و من ذلك قوله: فقلت : عبيدالله او نجله سرى فذكرني دارين أو بتُّ بالشحروما لبث أن هجر حياة القصور ، مؤثرا حياة التعليم و التأليف على خدمة أمير أو اتصال بذي سلطان ، و إختار الإقامة في بلنسية Valencia ، ولم يتوجه إلى بطليوس Badajoz مسقط رأسه . ولعل السبب في ذلك يعود إلى ما أصابها من اضطراب و سوء حال في الحروب التي بين بني الأفطس و بين عباد ملوك إشبيلية Sevilla


شيوخه :


1- أخوه أبو الحسن علي بن محمد الذي نهج له طريق البحث ، وفتق له سبيل اللاستقصاء في الآداب و غيرها و كان أبو الحسن ( مقدما في علم اللغة و حفظها ، و أخذ عنه أبو محمد كثيرا من كتب الادب .
2- أبو بكر عاصم بن أيوب البطليوسي و كان من اهل المعرفة بالآداب و اللغات ضابطا لها .
3- أبو سعيد الوراق
4- علي بن أحمد بن حمدون المقرئ البطليوسي المعروف بابن اللطينية .


تلاميذه :
من أشهر طلابه : أبو حفص عمر بن محمد القيسي البلنسي صاحب الاحكام ببلنسيه valencia وكان فقيها حافظا للمسائل مفتيا مشاورا ، و أبو محمد عبد الله بن أحمد بن سعيد ابن عبد الرحمن العبدري البلنسي و قد لازم البطليوسي طويلا ، و أبو علي حسين بن محمد بن حسين بن عريب الانصاري و غيرهم الكثير ممن تعلموا و اخذوا عن ابن السيد البطليوسي .


أهم مؤلفاته :
1- الاقتضاب في شرح ادب الكتاب
2- الانتصار ممن عدل عن الاستبصار : رد فيه ابن السيد على اعتراضات ابن العربي عليه في شرح امعري .
3- الإنصاف في التنبيه
4- الحدائق في المطالب العالية الفلسفية العويصة .
5- الحلل في اصلاح الخلل من كتاب الجمل
6- الحلل في شرح أبيات الجمل
7- المثلث في اللغة

المصدر : من كتاب الاقتضاب : تحقيق محمد باسل عيون السود

السبت، 11 أبريل 2009

قصبة بطليوس

الصورة : قصبة بداخوث على ضفاف نهر وادي آنا guadiana
هي أكبر قصبة إسلامية في القارة الاوروبية , و تعد مثلا رائعا للعمارة الإسلامية في القرن الثاني عشر ، بنيت فوق التحصينات التي بناها القائد المسلم عبد الرحمن بن مروان ، مؤسس مدينة بطليوس " حاليا بداخوث " و ذلك في القرن التاسع الميلادي .
تم بناؤها وتوسيعها على أيدي" الموحدون " الذين حكموا مملكة بطليوس في القرن الثاني عشر .
بنيت القصبة على شكل بيضاوي و توجت جدرانها بأسوار ذات فتحات و أيضا بأبراج رائعة الجمال و أشهرها برج الطليعة في الجهة الشرقية للقصبة ، و يعد حصن دفاعي منيع .
كانت القصبة و خلال عدة قرون بمثابة حصن دفاعي إستراتيجي حيث أنها تسيطر على نهر وادي آنا Guadiana و على حدود البرتغال ، وكذلك كانت بمثابة قرية عربية إسلامية مزدهرة حيث بني فيها المساجد و المساكن و لعبت دورا هاما في السلم لدورها التجاري و الحدودي مع البرتغال .
تعتبر القصبة من اهم المعالم التاريخية لمدينة بداخوث و خاصة بعد صدور مرسوم بحمايتها كتراث تاريخي وذلك بتاريخ 22 من أبريل اعام 1949 ، قانون 16/ 1985 المتعلق بالتراث التاريخي الإسباني .

الجمعة، 10 أبريل 2009

بطليوس في زمن ملوك الطوائف " بنو الأفطس "

بنو الأفطس ويعرفون ببني مسلمة: من ملوك الطوائف 1022-1094 م. مقرهم كان مدينة بطليوس بنو الأفطس هم سلالة بربرية مستعربة من مكناس كان مؤسس السلالة عبدالله بن مسلمة من كبار رجالات الحكم الثاني الخليفة الأموي. اقتطع لنفسه إمارة بطليوس بعد أفول الخلافة بقرطبة ، تمكن بنو الأفطس بعدها لبعض الفترات من تملك غرب إسبانيا وجزء من البرتغال. على مدى ثلاثة أجيال من الحكام عبدلله (1022-1045 م)، المظفر (1045-1065 م) ثم عمر المتوكل (1065-1094 م) تمتع هؤلاء بثقافة عالية وكانوا من رعاة الآداب والعلوم. كانت بينهم وبين بني عباد حكام إشبيليه حروب انتهت باستيلاء الأخيرين على جزء كبير من مملكة بني الأفطس. أصبحوا في نهاية أمرهم يؤدون الجزية إلى مملكة قشتالة Castilla إلى أن قضى عليهم المرابطين.
موقف على المتوكل على الله بن الأفطس
كان كل أمراء المؤمنين الموجودون في هذه الفترة يدفعون الجزية لألفونسو السادس Alfonso VI ومن معه إلا أمير مملكة بطليوس المتوكل ، كان لا يدفع جزية للنصاري ، فأرسل له ألفونسو السادس رسالة شديدة اللهجة يطلب فيها منه أن يدفع الجزية كما يدفعها إخوانه من المسلمين في الممالك الإسلامية المجاورة فأرسل له رسالة يقول فيها :
"وصل إلينا من عظيم الروم كتاب مدع في المقادير وأحكام العزيز القدير يرعد ويبرق ويجمع تارة ثم يفرق, ويهدد بجنوده المتوافرة وأحواله المتظاهرة ، ولو علم أن لله جنوداً أعز بهم الإسلام وأظهر بهم دين نبيه محمد عليه الصلاة و السلام ، أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ،ولا يخافون, بالتقوى يعرفون, وبالتوبة يتضرعون, ولئن لمعت من خلف الروم بارقة فبإذن الله وليعلم المؤمنين وليميز الله الخبيث من الطيب ويعلم المنافقين ، أما تعييرك للمسلمين فيما وهى من أحوالهم فبالذنوب المركومة .. ولو اتفقت كلمتنا مع سائرنا من الأملاك لعلمت أي مصاب أذقناك كما كانت آباؤك تتجرعه وبالأمس كانت قطيعة المنصور على سلفك لما أجبر أجدادك على دفع الجزية حتى أهدي جدك أحد بناته إليه ، أما نحن إن قلت أعدادنا وعدم من المخلوقين استمدادنا فما بيننا وبينك بحر نخوضه ولا صعب نروده, ليس بيننا وبينك إلا السيوف تشهد بحدها رقاب قومك وجلاد تبصره في ليلك ونهارك وبالله وملائكته المسومين نتقوى عليك ونستعين ليس لنا سوي الله مطلب ولا لنا إلى غيره مهرب وما تتربصون بنا إلا إحدى الحسنيين نصر عليكم فيا لها من نعمة ومنة أو شهادة في سبيل الله فيا لها من جنة ، وفي الله العوض مما به هددت وفرج يفرج بما نددت ويقطع بما أعددت ".
وختم رسالته وأرسلها إلى ألفونسو السادس Alfonso VI ، الذي لم يستطع أن يرد, وما استطاع أن يرسل له جيشا ليحاربه .
نهاية عهد بني الأفطس
عندما شعر المتوكل بأن المرابطين قد عظم امرهم حاول التودد و التقرب الى ألفونسو السادس فسلمه و اهداه لشبونه Lisboa و سينترا مما جعله يفقد شعبيته و توجيه النقد و اللوم عليه من قبل ملوك الطوائف ، و بدأ الأمن ينعدم شيئا فشيئا مما جعل المنصور بن المتوكل ينصح أباه بمغادرة المملكة و تركها للمرابطين و لكن المتوكل أبى أن يترك منصبه مما جعل المنصور يترك أباه و يتوجه الى ألفونسو ليعيش هناك .
لم يجدجيش المرابطين صعوبة في دخول بطليوس Batalius و السيطرة عليها و تم القبض على عمر المتوكل وولديه الفضل و العباس ، و سيقوا أسرى الى إشبيليه Sevillaحيث قتلوا في الطريق . ويذكر ان المتوكل طالب ان يقتل ولداه قبل قتله هو حتى لا يرى دموعهما و هم يشاهدان مصرعه .
حكام بنو الافطس
عبدالله المنصور 413ه -437 ه
محمد المظفر بن عبد الله المنصور 437 هـ - 461 هـ
يحيي المنصور بن محمد المظفر 461هـ - 464 هـ
عمر المتوكل 464هـ - 488ه

الخميس، 2 أبريل 2009

معركة الزَّلاَّقة


من أعظم و اكبر المعارك التي حدثت في تاريخ الأندلس ، وقعت في شهر رجب من عام 479هـ الموافق أكتوبر من عام 1086م في مملكة بطليوس على سهول الزلاقة التي سميت بإسمها المعركة ، في الوقت الحاضر تسمى ساقراخاس SAGRAJAS و هي بلدة صغيرة تتبع لمحافظة بداخوث ( بطليوس سابقا ) .
أوضاع الاندلس قبل الزلاقة
شهد القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، قمة التقدم الحضاري والسياسي في بلاد الأندلس، وأضحت قرطبة عروس الغرب، وحكامها خلفاء بني أمية يتمتعون بمكانة عالية، سياسياً وعسكرياً وحضارياً، ,ولكن للأسف جرت أمورا و أحداثا أدت إلى تمزق هذه الدولة تمزقاً يؤلم الصدور، وقامت في جوانبها خلافات وممالك وسلطنات لا حول لها ولا قوة، بل إن قواها قد وجهت ضد بعضها بعضاً حتى أنهكت القوى واضمحلت الأندلس، وفي كل ناحية من نواحي الأندلس، قامت دويلة أو مملكة هشة، و واكب هذا الضعف الأندلسي تولي الملك ألفونسو السادس عرش قشتالة، الذي عمل جهده للاستفادة من هذا التدهور الذي أحاط بالدولة الإسلامية هناك، فبدأ باستغلال الصراع الدائر بين هذه الممالك، وأخذ يضرب بعضها ببعض، ويفرض عليها الأتاوات والغرامات حتى يستنفد طاقتها، ومن ثم تسقط في يده كالثمرة الناضجة.
و مع سقوط طليطلة Toledo في خريف سنة 477 هـ/1085م زادت مطامع ألفونسو السادس Alfonso VI في ضم باقي دويلات الاندلس التي إنتبه ملوكها للخطر القادم و تعالت الأصوات في الأندلس تطالب بالارتفاع فوق الخلافات الشخصية، وتناسي المصالح الذاتية، والاستنجاد بالمرابطين الذين نمت قوتهم في ذلك الوقت على الضفة الأخرى من البحر المتوسط.
ورغم كل التحذيرات التي وجهت إلى المعتمد بن عباد، وتخويفه من طمع المرابطين في بلاد الأندلس، إلا أن النخوة الإسلامية قد استيقظت في نفسه، فأصر على الاستنجاد بالمرابطين، وقال قولته التي سارت مثلاً في التاريخ: »لأن أكون راعي جمال في صحراء أفريقية خير من أن أكون راعي خنازير في بيداء قشتالة«.
و بدأت الجيوش المرابطية العبور من سبتة إلى الجزيرة الخضراء، ثم عبر أميرهم يوسف بن تاشفين في يوم الخميس منتصف ربيع الأول 479هـ/.3 يونية 1086م، ثم تحركت العساكر إلى أشبيبلة، وعلى رأسهم ابن تاشفين، ونزل بظاهرها، وخرج المعتمد وجماعته من الفرسان لتلقيه، وتعانقا، ودعوَا اللهَ أن يجعل جهادهما خالصاً لوجهه الكريم.
استقر الجيش أياماً في أشبيبلة للراحة، ثم اتجه إلى بطليوس في الوقت الذي تقاطرت فيه ملوك الطوائف بقواتهم وجيوشهم.
سار هذا الموكب من الجيش الإسلامي إلى موضع سهل من مملكة بطليوس وأحوازها، ويسمى في المصادر الإسلامية بالزلاقة على مقربة من بطليوس Badajoz ، و كما ذكرنا سابقا هي حاليا منطقة ساقراخاس Sagrajas .
اختلفت الآراء حول عدد الجيشين، لكنها اتفقت جميعها على تفوق ألفونسو السادس في عدد جيشه وعدته، وكانت كل الظروف في صالحه.
جرت الاستعدادات في المعسكرين بكل أشكالها، وبالبحث على الحرب والصبر فيها، وقام الأساقفة والرهبان بدورهم، كما بذل الفقهاء والعباد كل جهودهم.
حاول ألفونسو خديعة المسلمين، فكتب إليهم يوم الخميس يخبرهم أن تكون المعركة يوم الإثنين، لأن الجمعة هو يوم المسلمين، والسبت هو يوم اليهود، والأحد يوم النصارى.
أدرك ابن عباد أن ذلك خدعة، وفعلاً جاءت الأخبار بالاستعداد الجاري في معسكر النصارى، فاتخذ المسلمون الحذر، وبات الناس ليلتهم على أهبة واحتراس بجميع المحلات، خائفين من كيد العدو. وبعد مضي جزء من الليل انتبه الفقيه الناسك أبو العباس أحمد بن رميلة القرطبي، وكان في محلة ابن عباد، فرحاً مسروراً، يقول: إنه رأى النبيَّ [صلى الله عليه وسلم]، فبشره بالفتح والشهادة له في صبيحة غد، وتأهب ودعا، ودهن رأسه وتطيَّب.
فلما كان صباح الجمعة الثاني عشر من رجب سنة 479 هـ زحف ألفونسو بجيشه على المسلمين، ودارت معركة حامية، ازداد وطيسُها، وتحمَّل جنودُ الأندلس [من المسلمين] الصدمة الأولى، وأظهر ابنُ عباد بطولة رائعة، وجرح في المعركة، واختل جيش المسلمين، واهتزّت صفوفه، وكادت تحيق به الهزيمة، وعندئذ دفع ابن تاشفين بجيوشه إلى أتون المعركة، ثم حمل بنفسه بالقوة الاحتياطية إلى المعسكر القشتالي فهاجمه بشدة، ثم اتجه صوبَ مؤخرته فأثخن فيه وأشعل النار، وهو على فرسه يرغب في الاستشهاد، وقرْعُ الطبول يدوي في الآفاق، قاتل المرابطون في صفوف متراصة ثابتة، مثل بقية أجنحة المعركة.
ما أن حل الغروب حتى اضطر الملك القشتالي، وقد أصيب في المعركة، إلى الانسحاب حفاظاً على حياته وحياة من بقي من جنده، وطُورِدَ الفارُّون في كل مكان حتى دخل الظلام، فأمر ابنُ تاشفين بالكفِّ. استمرت المعركة يوماً واحداً لا غير – وقد حطم اللهُ شوكة العدو الكافر، ونصرَ المسلمين، وأجزل لديهم نعمه، وأظهر بهم عنايته، وأجمل لديهم صنعه.
وتجمِع المصادر الإسبانية على أن الملك القشتالي ألفونسو السادس قد نجا بأعجوبة في حوالي خمسمائة فارس فحسب، من مجموع جيوشه الجرارة التي كان سيهزم بها الجن والإنس والملائكة.
سَرَتْ أنباء النصر المبين إلى جميع أنحاء الأندلس والمغرب، وسرى البشرُ بين الناس، وأصبح هذا اليوم مشهوداً من أيام الإسلام، لا على أرض شبه الجزيرة فحسب، وإنما على امتداد الأرض الإسلامية كلها، ونجح ذلك اليوم في أن يمدّ في عمر الإسلام والمسلمين على الأرض الإسبانية ما يقرب من أربعة قرون من الزمان.
ملاحظة : لكتابة هذا المقال تم الإستعانة بمقال الدكتور: محمد عبد الحميد عيسى " الزَّلاَّقة ، معركة كسبها الإيمان وضيَّع ثمارها الخلاف "

الأربعاء، 1 أبريل 2009

العثور على مخطوطات عربية في بلدة أورناتشوس تعود للقرن الخامس عشر

 صورة للمخطوطات العربية التي عثر عليها في قرية أورناتشوس

تم العثور على مخطوطات عربية تعود للقرن الخامس عشر ميلادي و ذلك في بلدة " أورناتشوس " Hornachos التابعة لمحافظة بداخوث ، وقد عثر على المخطوطات أثناء ترميم أحد البيوت القديمة ذات الطابع الإسلامي و ذلك في عام 2003 والذي يعود لمواطنة إسبانية تعيش في البلدة وتدعى ماريا تيريسى بينيتيث María Teresa Benítez والتي سلمت المخطوطات الى إدارة إقليم إكستريمادوراExtremadura .
المخطوطات هي عبارة عن كتابين أحدهما ذو حجم صغير وبه 106 صفحات مكتوب فيها آيات قرآنية من عدة سور مختلفة و أذكار دينية ، أما المخطوط الثاني فهو عبارة عن دفتر به أربع صفحات كتبت فيها الاحرف الأبجدية و السور القرآنية .و قد قامت إدارة إقليم اكستريمادورا - جهة الثقافة و السياحة Consejería de turismo y cultura بطبع المخطوطات الى عدة نسخ بعد عرضها على المختصين باللغة العربية في جامعة إكستريمادورا ، ماريا دي لوس انخليس María de los ángeles و ماريا خوسي ريبويوMaría José rebollo اللاتي قمن بترجمة المخطوطات وترتيبها .
و قد تلقى اتحاد الجمعيات الإسلامية في اكستريمادورا نسخة مهداه من مستشارة الثقافة و السياحة السيدة ليونور فلورس رباثوLeonor Flores Rabazo .وقد صرح المسئولون المختصون بأن المخطوطات تعتبر كنزا ثقافيا نادرا في المنطقة . و يذكر ان بلدة أورناتشوس هي آخر معاقل المسلمين في أسبانيا los moriscos و الذين طردوا منها عام 1609 ميلادي و إتجهوا الى المغرب حيث يعيشون الى يومنا هذا .